responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 107
لَائِمٍ. هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَشَيْخُ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ نَمْحَةَ لَا أَعْرِفُهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّ شُيُوخَ حَرِيزٍ كُلَّهُمْ ثِقَاتٌ، وَقَدْ رُوِيَ لِهَذِهِ الْخُطْبَةِ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقوله تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَيْ لَا يَسْتَوِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ فِي حكم الله تعالى يوم القيامة، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ
[الْجَاثِيَةِ: 21] وقال تعالى: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا ما تَتَذَكَّرُونَ [غافر: 58] وَقَالَ تَعَالَى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص: 28] . فِي آيَاتٍ أُخَرَ دَالَّاتٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تعالى يكرم الأبرار ويهين الفجار، ولهذا قال تعالى هاهنا: أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ أَيِ النَّاجُونَ الْمُسَلَّمُونَ من عذاب الله عز وجل.

[سورة الحشر (59) : الآيات 21 الى 24]
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
يَقُولُ تَعَالَى مُعَظِّمًا لِأَمْرِ الْقُرْآنِ وَمُبَيِّنًا عُلُوَّ قَدْرِهِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَخْشَعَ لَهُ الْقُلُوبُ وَتَتَصَدَّعَ عِنْدَ سَمَاعِهِ، لما فيه من الوعد الحق وَالْوَعِيدِ الْأَكِيدِ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أي فإذا كَانَ الْجَبَلُ فِي غِلْظَتِهِ وَقَسَاوَتِهِ لَوْ فَهِمَ هَذَا الْقُرْآنَ فَتَدَبَّرَ مَا فِيهِ لَخَشَعَ وَتَصَدَّعَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بكم أيها البشر أن لا تَلِينَ قُلُوبُكُمْ وَتَخْشَعَ وَتَتَصَدَّعَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَدْ فَهِمْتُمْ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَتَدَبَّرْتُمْ كِتَابَهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:
وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً إِلَى آخِرِهَا يَقُولُ لَوْ أَنِّي أَنْزَلْتُ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ حَمَّلْتُهُ إِيَّاهُ لَتَصَدَّعَ وَخَشَعَ مِنْ ثِقَلِهِ وَمِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ النَّاسَ إِذَا نَزَّلَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ أَنْ يَأْخُذُوهُ بالخشية الشديدة والتخشع، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُمِلَ لَهُ الْمِنْبَرُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَ الْخُطْبَةِ يَقِفُ إِلَى جَانِبِ جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا وُضِعَ الْمِنْبَرُ أَوَّلَ مَا وُضِعَ وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْطُبَ فَجَاوَزَ الْجِذْعَ إِلَى نَحْوِ الْمِنْبَرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَنَّ الْجِذْعُ وَجَعَلَ يَئِنُّ كَمَا يَئِنُّ الصَّبِيُّ الَّذِي

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست